الخميس، 7 أكتوبر 2010

درس في التضحية والفدا

بداية الرحيل:
تشعر قريش بالخطر الذي يهدد كيانها بهجرته عليه الصلاة والسلام إلى المدينة ،
 فتعقد مؤتمراً عاجلاً
 في د ار الندوة ( برلمان مكة ) للقضاء على محمد قبل فوات الأوان .
ويحضر الشيطان معهم على صورة شيخ نجدي قال بعضهم : احبسوه في الحديد حتى يموت ،
 قال بعضهم : أخرجوه وانفوه من البلاد ،
 بعد أن قوبل هذان الاقتراحان بالرفض تقدم فرعون هذه الأمة أبو جهل برأي خبيث ماكر فقال :
أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتىً شاباً جليداً نسيباً ثم نعطي كل فتىً منهم سيفاً
صارماً فيضربون محمداً ضربة واحدة فيقتلوه فيتفرق دمه في القبائل .
 أعجب القوم بهذا الرأي حتى إن الشيطان الذي لم يستطع الإتيان بمثله أيده
وقال : القول ما قال الرجل هذا الرأي لا أرى غيره .

ووافق البرلمان على هذا القرار الغاشم بالإجماع وبدأوا في التنفيذ .
(وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )
ينزل جبريل فيخبر النبي صلى الله عليه وسلم  بتلك المؤامرة ويقول : يا محمد لا تبِت في فراشك الليلة .
وفي بيت أبي بكر كان أبو بكر جالساً مع أهله في الظهيرة ،
إذ أقبل النبي عليه الصلاة والسلام متقنعاً مغطياً رأسه ،
 فزع أبو بكر لأنه  صلى الله عليه وسلم  لم يكن يأيتهم في تلك الساعة ..
 دخل النبي عليه الصلاة والسلام فيقول : يا أبا بكر أخرج من عندك .
قال أبو بكر : إنما هم أهلك يا رسول الله . قال :فإني قد أذن لي في الخروج .
 ال أبو بكر : الصحبة بأبي أنت يا رسول الله . فقال : نعم . فبكى أبو بكر
روي عن عائشة أنها قالت : فما شعرت أن أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ .
قال أبو بكر : فخذ بأبي يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين .
 فقال له  صلى الله عليه وسلم  : بالثمن .
يعود  صلى الله عليه وسلم  إلى بيته ويعرّف علياً بالأمانات التي عنده ليؤديها إلى أهلها
.وفي ظلمة الليل يجتمع المجرمون ويطوقون منزله عليه الصلاة والسلام . 
وفي هذه الساعة الحرجة يأمر النبي  صلى الله عليه وسلم  علياً
أن يبيت في فراشه وأن يغطي رأسه ببرده الحضرمي 
يفتح النبي عليه الصلاة والسلام الباب .. يخترق صفوف المجرمين .
.يمشي بين سيوفهم .. وهم مع هذا لا يرونه ،
 ثم يأخذ من تراب الأرض ويذره على رؤوسهم الواحد تلو الآخ
ر ثم يمضي بحفظ الله ورعايته .
بات علي على فراشه  صلى الله عليه وسلم  وغطى رأسه والمجرمون ينظرون من شق الباب ،


 يتهافتون أيهم يضرب صاحب الفراش بسيفه .
وفي الصباح يكتشف المجرمون فشلهم ، فيعودون وهم ينفضون التراب عن رؤوسهم .

سمعت قريش بالخبر فجن جنونها ، وثارت ثائرتها ، فوضعت جميع طرق مكة تحت المراقبة المشددة ،

 وأعلنت عن جائزة كبيرة قدرها مائة ناقة لمن يعيد محمداً أو أبا بكر حيين أو ميتين .
وفي بيت أبي بكر كان آل أبي بكر على موعد مع حدثين . 
أما الحدث الأول فقد انطلق نفر من قريش إلى بيت أبي بكر فقرعوا الباب ، 
فخرجت إليهم أسماء فقالوا لها :


 أين أبوك ؟ قالت : لا أدري . 
فرفع أبو جهل يده فلطم خدها لطمة شديدة حتى سقط قرطها من أذنها .
وأما الحدث الثاني فقد كان أبو بكر خرج بكل ماله خمسة آلاف أو ستة آلاف درهم
 مع الرسول  صلى الله عليه وسلم  فأقبل والده أبو قحافة
وكان شيخاً قد ذهب بصره فدخل على أسماء وقال : والله إني لأراه فجعكم بماله مع نفسه .
فقالت أسماء : كلا يا أبت إنه قد ترك لنا خيراً كثيراً فأخذت أحجاراً ثم وضعت عليها ثوباً ثم أخذت بيده
 وقالت : ضع يدك على هذا المال . فلما وضعها قال : إن كان ترك لكم هذا فقد أحسن .


 درس في التضحية والفداء :
لقد سطر النبي  صلى الله عليه وسلم  وأصحابه صفحات مشرقة من التضحية ،

والمغامرة بالأنفس والأموال لنصرة هذا الدين ..
لقد هاجروا لله ولم يتعللوا بالعيال ولا بقلة المال فلم يكن للدنيا بأسرها أدنى قيمة عندهم ف

ي مقابل أمر الله وأمر ورسوله  صلى الله عليه وسلم  . 
فيوم أن بات علي في فراشه  صلى الله عليه وسلم  وغطى رأسه كان يعلم أن سيوف الحاقدين تتبادر إلى ضرب صاحب الفراش ، ويوم أن قام آل أبي بكر عبدالله وأسماء وعائشة ومولاه عامر بهذه الأدوار البطولية


كانوا يعلمون أن مجرد اكتشافهم قد يودي بحياتهم .
هكذا كان شباب الصحابة فأين شبابنا ..


أين شبابنا الذين يضعون رؤوسهم على فرشهم ولا يضحون بدقائق يصلون فيها الفجر مع الجماعة . 
نعم .. لقد نام شبابنا عن الصلاة يوم أن نام علي مضحياً بروحه في سبيل الله ، فشتان بين النومتين .
أين شبابنا الذين كلّت أناملهم من تقليب أجهزة القنوات ومواقع الشبكات .

 ين هذه الأنامل من أنامل أسماء وهي تشق نطاقها لتربط به سفرة النبي عليه الصلاة والسلام .
 ويوم القيامة ستشهد الأنامل على تضحية أسماء ، وستشهد على الظالمين بما كانوا يعملون .

ليست هناك تعليقات: